مناهج الإصلاح.. كيف تبدأ
بجانب هذا التصوير الحي الدّقيق.. لطبيعة الإنسان كما خلقت وكما ينبغي لها أن تكون، تبرز في القصص القرآني أغراض ولمحات أخرى تشير ولو بطريق غير مباشر إلى تفصيلات ومناهج تصلح للحياة.. وتصلح بها الحياة.
جاءت الرّسل الهداة، وجاءت أخبارهم في كتاب الله، وسرت كلماتهم المضيئة عبر اللّيل البهيم.. يتلمّسها من أوتي البصيرة النّفّاذة، والذّهن المتفتّح المؤمن، والاستعداد الخاص لتقليد الصّفوة الممتازة من الرّجال.. وما تقليد هؤلاء بالأمر اليسير.
لقد أعطتنا القصّـة القرآنيّة تخطيطًا دقيقًا مُحكمًا لمنهج متكامل، في ميدان الدّعوة إلى الله.. تبرز معالمه، وتبدو ركائزه، فيما وضعه الرّسل أمامهم من هدف، وما اتّخذوا إليه من وسائل، وما بدأوا به من نصائح، وما ركّزوا عليه من أسس وقواعد..
الإيمان بالله وحده كان المحور الرئيس الذي تدور عليه دعوتهم، والمنطلق الأهم الذي تنبثق منه المناهج الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة.. والأساس الذي ينبني عليه سلوك النّاس في الحياة، واتّباعهم لما جاء من عند الله، كانت تصفية العقيدة من كُلّ شائبة وتحريرها من كُلّ قيد، وبعث الحرارة والحيويّة في أوصالها.. كان كُلّ ذلك لديهم أوّل خطوة في طريق الإصلاح الشّامل.. ومن هنا كانت كُلّ دعواتهم إلى أقوامهم أن يتجمّعوا على أساس من العقيدة، بالرّغم من أنّ ذلك كان الطّريق الأصعب أمامهم.. إذ كانت عقائد أقوامهم الفاسدة هي أعز ما يستمسكون به، ويدافعون عنه، ويفتدونه بكُلّ ما يملكون.. ومع ذلك لم يحيدوا عنه قيد شعرة، ولم يستبدلوا به طريقًا سواه، يتبيّن ذلك من إصرار هؤلاء الرّسل الكرام على أن يبدأوا دعوتهم إلى أقوامهم بهذا الكلام المتماثل وفي سرد متتابع.. وها نحن نسمع نوحًا u من وراء الغيب يقول لقومه: ﮋﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﮊ (هود: ٢٥، ٢٦)، ثم نسمع هودًا u يقول: ﮋﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﮊ (هود: ٥٠).. ونسمع صالحًا u يقول: ﮋﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ (هود: ٦١).. ونسمع شعيبًا u يقول: ﮋﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ (هود: ٨٤).
وفي مواضع أخرى نسمع سيّدنا إبراهيم u ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ (الصافات: ٨٥ – ٨٧).
ونسمع يوسف u وهو في السّجن يقول لصاحبيه: ﮋﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ (يوسف: ٣٧ – ٤٠).
ونسمع موسى u يناقش فرعون ويدعوه إلى ربّ العالمين وحده حتّى يقـول له فرعون